دوره فـي تأسيس جـمعـيـة الرابـطـة العـلميـة الادبـيـة فـي الـنجـف

كان المجـتمع النجـفي في تـلك الفـترة التي عـاشها الشاعـر في مقـتبل عمره يعـيش حـالة من الركود والتقـوقع. كان من سمات تلك الفـترة , أنكماش المجـتمع وأبتعاده عن مسايرة العالم الخارجي، الذي بدأت تهـب عليه رياح التغـيـر التي أعـقـبت أنـتهاء الحرب العالمية الاولى.. رجال الـديـن , وهـم قـادة المجـتـمع , زاهـدون عن الـدنـيا وما فيها. عازفـون عن دراسة العـلوم الحديـثة, او تثـقيف النـاس بجـدوى دراستها.. والشعـراء , وهم لسان المجـتمع , تـقـليـديـون , يعـيدون ما كان يـفعـله أسلافهم . لا تجـديـد فـي الافكـار او الصور الشعـريـة . او حتى قـبـول التطورت الابداعيـة .فأغـراض الشعر عـندهم لا تـتعـدى المراثي الـدينيـة, او رثـاء الأحـبة ووجوه المجتمع. او قـصائـد المناسبات الأجتمـاعيـة , زواج او مولود او خـتان.. والمـرأة , نصف المجتمع , مسلوبة الحقـوق , لـيس لها حـظ في التعـليم او مساواة الرجـل في حقــوقــه...

لـم يـكن في النجـف يومذاك ملاذ او ناد يجـمع الادباء سـواء منهـم من كان من أهـل المدينة ام من الـوافــدين عـليها . والــقــول للـجعـفــري :" وكـما حـدث عـنـد مجـئ الاديـب والـكـاتـب الـكـبــيـر أمـين الريـحـانــي ¹⁴, عـنـدمـا حــطّ بـه الرحـال فـي مقــهـى ‹المـردشـوريـه¹⁵› . او مع الصحـفـي الاستاذ ثابت محـمد الـمــصــري صـاحـب كـتاب ‹ جـولـة فـي ربـوع الشـرق الاوسط › , عـندمـا قـدم النجـف والـتـقى بطـبقـة مـن النـاس , لا يمكـنهــا عكـس واقـع الـنـجــف كمـا يـجـب . وخـرج بأنـطـبـاعـات أسـاءت الـى الـمديــنـة , وإضطــره الـى مهـاجــمـة المـديـنـة ومـن بهـا فــي كتـاباتـه, بأعتبـارهـم علـى شاكـلـة مـن الـتـقــى بهـم ¹⁶... وقـد بارك هـذا الحـدث الشاعـر الكـبير الأستـاذ محمد مهـدي الجواهـري بهـذه الأبيـات  وبخط يــده : 

لهـذا كله تـنادى الجعـفري وأخـوان لـه يشاركونه الرأي والـتـوجه الـفـكري ، بالأضـافـة الـى المواهـب وروح الـتحـدى والتـمـرد على كل ما هـو قـديـم, الى تأسيس منـتـدى أدبي أجـتماعي يكون ملتـقى أدبـاء الـنجـف ومفكريـها. فـكانـت تـلـك بـداية تأسيس اول جـمعــية ثـقافـية ‹ عـلمية أدبـيـة › فـي هـذه الـمديـنة المقـدسة هي «جـمعـية الـرابطة العـلـمية الأدبـية ». كان ذلك عام 1932 وكان شاعـرنا أحـد أركانها وأميـن سرهــا لسنوات عـديــدة ¹⁷ ...

كان من أهــداف هـذه الجـمعـية الفـتـيـة, والتـي صار لها شأن في تـأريخ الحـركة الـثقافـية في العـراق والوطن العربي , ما يـلي¹⁸..

 1- خــلــق حــركــة فـكـريــة وأدبــيــة بــروح ومـفــاهــيـم جــديــدة بـيـن الاوسـاط الادبـــيــة الــنــجـفــيـة. وتــهـيـئـة الاجــواء الـمــنــاســبـة لــتـنـمــيــتـهــا..

2- خــلــق حــركــة فـكـريــة وأدبــيــة بــروح ومـفــاهــيـم جــديــدة بـيـن الاوسـاط الادبـــيــة الــنــجـفــيـة. وتــهـيـئـة الــحــضــور الــدائـــم والــفــاعــل لأعــضــائـهـا فــي كــافــة الـمـنـاسـبــات الاجـتـمـاعـية والــوطـنـيـة , سـواء عـلــى نـطـاق الـقـطـر او الـعـالـم الـعــربــي والاســلامــي ..

3- إيـجــاد قـاعـدة أتـصــال وإحـتـكــاك بـالـخــارج , بـتـقــريــب الادبــاء والـمــفـكــريـن بـدعــوتـهــم لــزيـارة الـجـمـعـيــة ‹بشـكـل فــردي او كـوفــود › ..

4- تــعــمــيـق صــلات الادبـــاء والـشــعــراء الــمـجــدديــــن وتــوسـيعــهــا مــع الـعـالـــم الـخارجـي

وتـفـتـحـهــم عـلـى تـجـارب أدبـائـهــم ونـشـاطـاتـهـم التي بـــدأت تـــتـــســع دائـــرتـــهــا فــــي المحيـط الخارجـي للــــعـــراق ..وتـولى الـجعفـري بـدايـة تأسبسهـا سكرتاريتهـا وأمـانـة ســرهــا لسنــوات ..

وهـكــذا أصــبــح لـلـجـمـعـيــة الـفـضــل الاكــبــر, فـي تـعــريـف أ هــل الـعــلـم والادب والـشـعــر بـعــضـهـم بــبــعــض, عـلـى صـعـيــد الــعــراق والعالم العربي..اذ لم يكن يـزورالـنجـف أديب بارز, او شاعر معروف ,او وفد أدبي, او شخصية أجـتماعية, الأ وكانت له وقـفة عـنـد الـرابطة الادبـيـة او جلسة مع أعضائها...

زار الـنجـف شخصيات بارزة على الساحة الادبية منهم الــدكـاتـرة والاسـاتــذة زكــي مـبـارك¹⁹, مـحـمـد عـلـي عـلـوبــه بـاشـا ,عـبـد الـوهــاب عــزام ,أحــمــد أمــيـن وغــيرهــم مـن أعــلام الـعــربـيـة وجهابذة الادب والبيان. وكانت لشاعـرنا الـجعـفـري قصائـد رائعة عند أستـقـبال هذه الشخصيات او تلك الوفود..

 ومـن قصيـدة للجعـفري, عـند أستـقـبال الوفــد العـلمي الادبي اللــبناني , برئاسة الشيخ أحمد رضـا والشيخ سليمـان الظـاهـر والـشيـخ أحمـد عـارف الــزين صاحب مجلة العــرفان الصيــداوية اللـبـنـانـية ²⁰: