5- الــنـظــرة الإنـسـانـيــة والشـمـولـيـة لــدى الشــاعــرالـجعـفــري
كـان الجعـفــري ذا
نـظــرة إنسـانيـة شمـولـيـة , ويتـفاعـل مـع الاحـداث فـي العـالـم , أيـنـمـا
كـانـت أو وقـعـت. فـهـو فـي نـظـرتـه لـهـا تـراه يـتـجـرد مكـانيـاً,
ويـسـمـوبمشـاعـره وأحاسيـسـه كأنـســان, لـيـتعـايـش والـحــدث أينـمـا كــان.
يصـيبـه مـا يصيبهـا , ويـفـرحـه مـا يفـرحهـا . ويـتألـم لآلامـهـا . لـهـذا
فـهـو يـرصـد كـل حـدث او منـاسبـة او عـمـل بـطولـي , سـواء أكان
الـحـدث وطـنياً او قـوميـاً او عـالميـاً . يسـرع في توثيقـه وهـكذا
كان ...
فكـانت فلسـطيـن
, الـمـغـرب , العصيـان المـدنـي فـي الهـنـد " ثـورة المـلـح " , ثـورة
بطـل الريـف المغـربـي ‹عـبد الكريـم الخـطـابـي›.أو فـي الجـزائر واندحـار
فـرنسـا, الـقـدس , ‹الـهـنـد الصـينـيـة وتـقهـقـر فـرنـسـا فيهـا›, الـحـرب
الـفيـتـنـاميـة , ضحـايـا التـمـيـيـز العنـصـري فـي جـنـوب أفـريقيـا " 21-3-1965.
رواد الفضـاء السـوفـيـت,. الـثـائـر جيـفــارا . او‹ يـوم الارض 30-3-1976 ›
وغيرهـا...
لـذلـك ولكـل هــذا
الـكـم الهـائـل مـن التـلاحـم الـوجـدانـي والـفـكــري مـع شـعــوب وأبـطـال
الـعالــم , إنمـا يـعــزز الـجـعفـري مـا ذهـبنـا اليه مـن شمـوليـة نـظـرة
الجـعـفــري للـعالـم من حهـة , وتأثــرة بآلآمـهـم وآمـالـهـم . ومـا قـصيـدتـه
الـتي قـالـهـا بحـق المـناضـل الـوطـني الـغـيـورالامـيرالـبطـل عـبد الـكـريـم
الـخطابـي ,‹ الـذي وقـف بـوجـه الــعـدوان الاسـبانـي الفـرنسي المشترك
علـى الـريـف المـغـربي سـنـة 1926› وبـهذه السـن المبكـرة ,أقـل مـن عشـرين
سـنـه ,إلا الـنمـوذج الـمشـع عـن تـلك النـظــرة والحس الـوطنـي . فـــتــراه
يـقـول 79:
قــف عــلــى الــريــف مــصـنـع الأبــطــال حــيــن أضـحــى
فــريــسة الاحـــتــلالِ
|
طـف بــه وأنـــتــشــق ثــــــراه فـــفـــيـــه أمــتـــزج
الـــرمــل فـي دمــاء الــرجــال
|
صــح بــعـــبــــد الــكــريــم لــــمّـا أقـــلــــتـــه فـــرنـسا
عــلــى مِــطـــى الأغـــلال
|
أســد الــريــف مـن عـلـى الـريــف خــلّــفــت لــيـــحـــمــــي عـــريــــنــة
الأشـبــال
|
كـــبــرت نـــفــسـك الأبــيـــة حـــتـّـــى أصــبــح الــنــصــر
مـنـك قــيــــد الـــمـنـال
|
حــيـــن أرجـــفـــت بـالــرجــال فـــرنــسـا و ضـــربـــت
الأســـبـــان بــالـــزلـــزال
|
ورأى الـــغــــرب مـــنـــك أي هـــزبـــر لـم تــلــــد عـــزمــه
السـنــــون الــخـــوال
|
ســـر عـلـى أســم الأبــاء تــحـــت لـــواء الــفـخــر والـمــجــد
فــي رداء الـــجــلالِ
|
ســر مـلــيــكــاً يـــحــوطــه مــن إبـــاء جـــيــش عــزّ فـــي
الـــحــلّ والـــتــرحــال
|
إن تــغــب عــن عـــيــونـــنــا فـلـعــــمــري لـك بــيـن
الـــقـــلــوب أسـمـى مـــثــال
|
او مـا قـالـه بـتكــريـم الشـعـب الـهــنــدي ,‹ وهـو يـقــاوم الـجـبروت والأسـتبــداد الـبريـطانــي , من خلال الـعــصـيـان الـمـدنـي اللاعـنـفـي الشامــل ›. ممـثـلاً بشخـص السياسي الـبارز والــزعـيم الــروحي للهــنـد الـمـهـاتـمـا غــانـدي, الذي قـاده خلال حـركــتــه الأسـتقــلالــيــة .
تلك المواقـف التي
تميـزت في عـمومها بالصلابة المبـدئـية.متحـديـن الـقـوانـيـن البريطانية
الصارمـة, التي كانت تحصر استخراج الـملـح بالسلطات البريطانية.عـندمـا
قادهـم فـي 1930 بـمسيرة إحتجـاجـيـة شعبية سـلميـة عـارمـة لمسافـة 400كـم . توجه
بها إلى البحر لاستخـراج الملح من هناك. مكـتـفـيـاً بعـيشـه المتواضع, في مجتمعـه
الـذي يعــيش على الإكتفاء الــذاتي. مـرتديـاً الـزي التقـليـدي الهـنـدي‹الـدهــوتي
والشـال› التي نسجها يـدويــاً كأنـموذجـاً يحـتذى بـهً. مما أوقع هـذه السلطات في
مأزق.ولـنرى كيف نظـر الجـعـفـري لـهذا الحـدث فـي قصيـدة مـطولـة بعـنوان « الـهـنـد فـي طـريـق الاسـتـقــلال »
, مـتـعـددة المقـاطـع والـقـوافـي فـيـقـول 80 ...
حــيّــهـــا أذكــت مـن الــحــرب لــظـاهــا وأبـــت إلا الـّـــذي
فــــيـــــــه مـــنـــاهــا
|
شــمّــرت تسـعــى الــى إســتــقــلالــهــا ســـدّد الـــرحــمــن
بالــــنـصــر خــطـاهــا
|
وحـّـــدت أشــتـــاتــهــا فــانـــدفـــعـــــت كــتــلــة تــخـشى
الــمـقــاديــر قـــضـاهـــا
|
دخـــلـــت والـــظــلـــم فــي مــعـــمــعــة خــبــط الــــداخـــل
فــيــهـــا ثـــمّ تـــاهـــا
|
و مـــضـــت طــالـــــبــة حــاجــــتـــهـــا لا تــرى مـــن أمــرهـــا
إلا قــــضــاهـــا
|
هـــتـــفـــت بـالــمــلـــح فـي عــصـيـانــهـا و ورى الأكــــمـــة
مـــا كــان وراهـــــا
|
مـا كـــلّ مــا تـــرجــوه مــلــح تسـتـــطـــيـــب بــه
الـــغــــذاء
|
كـــلاّ و لا تـــرجــــو بــه الأمــــوال جــــمّــــة و
الـــــثــــراء
|
ما الـمـلـح؟ مـا الـعــصيـان؟ مـا الأطـفـال ؟ ما زمـر الـنـسـاء؟
|
إلاّ قـــيــود الـــيــأس تـــفــصــم فــي مــضـامـيــــر
الـــرجــاء
|
ألـلـــه مــا هــــذا الـــضـــعــــيـــف أمـــام تــــلـك
الأقـــويـــاء
|
فـي ســبــيــل الــعـــزّ نــفــس حـــرة لـــم تـــشأ أن يـخـــمــد
الــضّـيـم سـنـاهــا
|
سـطــعــت فـي الــهـنـد شـمـسـاً فأنـبـرت أمــم الــعـــالـــم
طــــراً لــضــيـــاهــا
|
أنـــفـــت مـــن وصـمــة الـــذلّ وهـــا هــي لا تـــفـــتــــأ فـــي
بـــــرد إبـــاهـــا
|
إن يــهــدّم شــكـلــهــا الــدهـــر فــلــن يــقــدر الــدهــر
عــلــى حــل ّ حــبــاهـا
|
خــشــنــت فـي اللــه و الــحــق فــلــو سـامهــا
الــدهــرخـضـوعــاً مـا ثــنــاهــا
|
جـــازت الــسـتــيــن لــكــنّ لــهـــا مــن وفــور الـــعــزم مـا
أبــقــى صـبـاهــــا
|
أخــلــصــت لــلـه فـــي دعـــوتـــهـــا فـــتــقـــبّـــل
ربــّـنــــا مــنـهــا دعـــاهـــا
|
عـــريــان إلاّ مــن نــســيـــج وغـــزل
كــفـــّـيــه الــهـــزال
|
شــبـح ضــئـيــل كـاد لـولا الــصـوت أن
يــمــسـي خــيــال
|
مــلـك الـــقــلــوب, وإنــهــا جــيــش بــعـــيـــد
الانــخـــذال
|
مـا الـجــيـش أبـلـغ مـن قـلـوب تـسـتـمــيـت
لـدى الــنـضـال
|
قــام فـــي الـهــنـــد خـطــيــبــاً
نـاقــمــاً فـــبــكــتــه الــهــنـــــد عــطـفــاً فــبــكـاهــا
|
جــاهــدوهـــا جــاهـــدوا دســتـــورهـــا
وأحـفـظــونـا مـا أســتـطـعــتـم فــي دمـاهــا
|
أنــا أدرى الــنــاس فـــي ســلـطــانــهـــا
أنـــا أدرى الــنــاس فــي عـــظــم دهــاهــا
|
أنــا أدري أنــهـــا تـــقـــــتــــصّ
فــــــي كـــلّ جـــنــــدي بــألـــف مــــن ســـواهـــا
|
فـــلــــذا أدعــــوكــــمُ بــأســــم
الإبــــــى ولــــــذا أنــشـــدكــــم فـــيــــنـــا الألــهــــا
|
لا تــسـلـّــوا الـسـّــيـــف لا تــسـتـعـمـلــوا
الـــقـــذف بالاحــجــار عـــنـــوان أذاهـــا
|
وبـــهـــــذا يــحـــفـــظ الــــنــاس
لـــنــا حـــرمــة طـــيـــبـــة
الــــذكــــر وجـــاهــا
|
ويــــقـــولــــون بـــأن الـــهــــنـــــد
فـــي قــــوة الايـــمـــان نـالــــت مــبـــتـغــاهـــا
|
قــف فـي مـنىً واهـــتـف بـمــزدحــم
الـقـبــائـل والــوفـــود
|
الـغــائـبـــيـن الـحـاضـــريــن بـقـــلــب
شــيــطـان مــريــــد
|
وقــد ورد هـذا
المـورد كاملاً في مكان آخـر من السـيرة .. كمـا يجـد القارئ أدنـاه الـجـزء الآول منهـا بخـط الشاعـر الـجعفــري ..
اوعـندمـا
صـدرت عام 1965 الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وأعـتبـرت الأمم المتحدة يوم 21 مارس , اليـوم الدولي للقضاء على
التـميـيز الـعـنصري... أبى الـجـعـفــري إلا أن يخـلـد ضحـايــا التمــيــيـز
العــنـصـري فـي جـنـوب أفــريـقـــيـا بـهـذه الـربـاعيــة فــيـقـول :
لــقــد فــرضـوا بـما أبــدوا وأبـلــوا
وجـودهــمــوا عـلـى هــذا الــوجــود
|
أشـــاروا بـالأكـــفّ مـــقــطـّـعــات الــى
درب الـــتــحــرر والــخــلـــود
|
وإنــك لــســت تـجــنــي الــنــصـر إلا
بـكــفّ قــدّ مـن زبــر الــحــديـــد
|
و إلا أن تــبـاكــره بــفــيــض الــدمــاء
الــحــمــر مـن بـــيـض و ســود.
|
او فـي الحـرب
التحررية التي قـادهــا الـفـيـتـنـامـيـون ضد المستعـمـر الـفـرنــسي. والتي
اشـتـعـل أوارهــا مع نهاية 1946، ثم انتهـت بعد معـركة " ديـان بـيـان
فــو" الشـنـيـعـة يوم 8 مايـو- أيـار 1954. وهي الهـزيـمة الـتي فـتـّت
فـي عـضد فــرنسا وأرغـمـتهــا علـى تـوقــيـع قـرار الهـزيمـة , بإتفـاق جــنيــف .
وكـمـا حـصـل لـهـا ذلك مـع الـجـزائـريــيـن الأشـاوس .فـهـا هـو
الجـعـفــري يــقــول فيهــا :
إنـدحـار
فـــرنسـا فـي الــهـــنـد الصيــنـيـــة
عــثــرت فـلا لـعـاً مــن ذا الـعــثــار ولا
ضـمّـت يـداك عــلـى إنـــتــصــار
|
فـــبـــيــنـا أنــت فــي حــول و طـول إذا
بـالــبــغـي حــطـّــك لــلــصــغــار
|
وقــد عــرّاك شــعــب ‹ديــان بــيـان فــو› لـتـلــبـــك الـجــزائــر شــرّعار
|
تــخــلـي عــن فــــيــتـــنــام و
خــطــّـي بــقــان الـــدمـع لائـحــة الـــقـــرار
|
اوعـندمـا تـعـرضـت مـركـبـة الفـضـاء السـوفيتيـة سـيـوز 11
لحـادث فضـائي فـي 30 – حـزيـران 1971. و أدى الـى اختـنـاق الطـاقـم
الفضـائي المكـون مـن ثـلاثـة رواد . لــم يتـرك الجـعـفـري الحـدث إلا وأن يشارك
فـقــال :
مـشـــوا والــسـعـــد مــن بـــرج لـــبــرج
بــدوراً وأنـــتــهــــوا عـــنــــد الـــســـرار
|
أعــيــدوهـــم يـطــوفـــوا فـي الـلـــيــالــي
مــع الاقـــــمــــار كــــــلاً فـــــي مــــدار
|
أعـــــيـــدوهــــم وزفــّـــوا لـلـــــدراري
مـــقـــاطــــع مـــن أنــاشـــيــــد الــنـــهــار
|
أعــــيــــدوهــــم وإلاّ
فــأدفـــــنــــوهــــــم بــأحـــداق الـــنـــواظـــــر لا الـــــجـــدار
|
وليسـت الاحـداث
الـعـربيــة , أقـل شـأنـاً مـن سابقــاتهـا مـن الاحـداث الـعالـميـة فـي
شـعــر الجـعـفــري. فـعـندمـا وقـفـت الجـزائــر الـبـطلـة , بـوجـه
المسـتعمــر الـفرنـسي الغاصـب ودحــره . مـقـــدمـة المـلايـيـن مـن أبنـاء
شعـبهـا , شبانـاً وشابــات ,الـقـــرابـيـن فـي طـرده . قـال الجـعـفـري
الـعــديـد مـن القـصـائـد .نــذكـر مــنهـا هـذه الــرباعيـــة :
إنـدحـــار
فـــرنـسـا فـي الـجـــزائـــر
أديــل الــحــق مــنــك عـــلـــى هـــــوان
وعــشــت ذلــيـــلـة حــــتــى الـــقـــيــامــه
|
نـــزلــت بــرغــم غــطـــرسـة الــتـعــالـي
عــلـى حــكــم الـسـيــوف و لا كـــرامــه
|
ومــن يــنــثــر بــذور الــبـغــي يــقــطــف
وإن طــال الـــمــدى ثـــمـــر الـــنـّـدامــه
|
ومـن يـشـحـــذ مــلايـــيــن الــضـحــايــا
سـيـوفــاً تــحـــفــظ الـــدنـيــا إحـــتــرامــه
|
ولم تـكـن حـربُ تشريـن ‹ 1973› محطة عابــرة من تاريــخ الصراع العربي- الاسـرائــيـلـي . ولأول مــرة في تاريخ الأمة العربية الحـديث والمعاصر, أثـبـت العـربَ انـتـماءهـم للعــروبـة وتاريخها وحضارتها . وذلك من خــلال تضامنهم مع بعضهم.. وامتــزاج دماء أبنائهــم على أرض المعــركة فـي الـجـــولان . .وهـا هـو الجـعـفــري يقـف عـنـد الـحـدث ويــقــول 81:
ســلــوا الـجــولان يـفــصـح عــن دمـاء كـــريـــمـات وهـــبـــنـــاهــا
إنــتـــصــارا
|
ولـــم نـــبــخــل بــهــا مــلـكــاً مــشـاعـــا نـــعــــزّ بــه الـــقــــرابــة و
الـــجـــوارا
|
ومــا هــي غـــيـــر ديــن مـســتـــحــق عــلــيـــنــا
مـــذ رضـعـــنــاهــا صـغـــارا
|
ولــــســنـــا قـــــادة عــــربـــاً إذا لــــم نـــبــــادر لـلـــوفــــاء بــهـــــا
كــــبـــــارا
|
No comments:
Post a Comment