5-
قــــالــــــوا عـــنـــــه
نــــــثـــــــــرً
اً
1- الاسـتـاذ الــدكـــتـور عـــنـاد غــــزوان
حــين يـحــب الانـسـان الـشـعــر , ويــعـشـق الـحـريـة والـعـفــويــة والانـسـانــيـة والـصـدق والانــعــتـاق . وحـيــن يـقــرأ الانـسـان الـقـصــيــدة , يـقــــرأ روح الـشـاعـــر مـن خـلآلــهـا مـتـلآلــئـة , مـرهــفـة, أصـيـلـــة فـــواحــة بالامــل والــتـفـاؤل والـكــــفــاح . وحـيـــن تـــولـــد الــقـــصـيـــدة تـــولـــــد مـــن مـعـــانـــــاة مــريــــرة , يــمــتـــزج فــيـــهـا الـــــدم والــفـــكــــر و الــوجــــدان نــغــــمـاً ً شـعــريـاً . هــو الـسحــر اللـغــوي بــعــيـنـه , هــو الــدم الــدفــاق بـحــرارتـه . هــو الـفـكــر الـثــائــر الـواقـعـي بـصــلابـتــه. هــو الـوجــدان الاصـيــل الــمـعـبـر بـعـفــويـــة أمـانــتـه. هــو ألالــم وألامــل , هـو الــدمـعــة الـصــادقــة والابـتـسـامــة الـرقـيـقــة الـوديــعــة. هــو عـبـيـر الارض فـي صـفــائـهــا وعـتـمـتـهــا. فـي شـمـوخــهــا وتـطـلــعــهــا فـي شـقـائـــهــا وبــؤسـهــا . في عــصـامــيــتـهـا ورخــائــهـا.فــي ثــورتـهـا وإنـسـانـيـتـهـــا . فـي عــروقـهـا وأشـلاء ضـحـايـاهــا وشـهـدائـهـا . فــي صـمــودهــا وصــرخــة ثـائـريـهــا . فــي دمـهــا وفـكــرهــا ووجــدانــهــا.. وبــعــد فـالــجـعــفــري هــو هــذه الــقــصـيـــدة الـتـي قــرأنـاهــا ونـقــرأهـــا وسـيــقــرأهــا بعـدنا أبناؤنـا. فـحــروفـهــا هـمــومــنـا وأفــراحـنــا. وكـلـمـاتـهـا شـعـورنـا ووجـدانـنــا. ومـوسـيـقـاهــا واقـعـنـا وأحــلامـنــا . وقــوافـيـهــا صـرخـتـنـا وصـمــتـنــا. والـجــعــفــري قـصـيــدة تـفــوح مـنـهـا أنـســام الـصـحـراء الـعــربـيــة بــعـنـفـوانـهــا وصـدقـهـا وإبــائـهـا . لا تـعــرف الـنـفــاق ولا تـسـتسلــم لـلــذل,ولا تـخــشـى غــير الـحــق . تـنـســاب مـعـانـيـهــا إنـسـيـابــاً عـفـويــاً هـادئـاً. نــصــيّرهــا وكــثــيرا مــن الاحــيـان حــديــثــاً يــومــيــاً يــدخــل الـقـلـب بـحــريـة وحــب عـمــيــقــيـن بــلا غــرور وتـبـجــح او غــطــرســة او أنـانــيــة.
و الــجــعــفــري الــقـــصــيــدة فـــنٌّ سـكــب فــيــه كــل وجــدانــه و غـــذ ا ه كــل تـجــارب عــمـــره الـوطــنـيــة والـقـــومــيـة والانـســانـيــة والـتربـويــة , تـبــقــى ذلك الـعــمــر بـكــل مــا تـحـمــل مـن تـطـلــع وفـكـر مـتلألأ بـراقــا مـشـعــاً لــم يـطـفـئــه الــذبــول.. 82
كان
الجـعـفــري ناحل الجسـم ضعيفـه , ولوكان بدينـاً قـويـاً لكــان لـه من قـوة جسـده
وشـدة أسـره ,مـا كـان حـقـق لـه مطامحــه فـي حيـاتــه .وكـان الجعـفــري مـن
علــم نـفســه بنـفـســه. أو بـمـؤازرة مـن أحـد مـن الـنـاس , ولـو تـيسـرت لــه
الــظـروف لــكـان لـه شـأن آخـر. وكـان الـجـعـفـري فـقـيراً , ولـو تيسـر لــه
الـغـنــى لأستـطـاع أن يـهـيئ لـنـفـسـه ظـروفـاً أخــر, تـجـعـل مـنـه
إنسـانـاً آخــر. وكـان ضـعـيف الـبـصــر , ولـو كـان قـويـه لـنـال درجـة
الـدكـتوراه فـي جـامعـة السربـون - باريـس مـنذ عـشـرات السنـيـن . حـين رشـح
للـبعـثـة مـع زمـلاء لـه صـاروا علمـاء كـبار يشـار اليهـم بالبـنـان .ولكـن
بصـره خـذلـه . فـلـم يـستـوف شـرطـاً مـن شروط تلك الـفـرصـة . وضـاعـت عليـه
البعـثـة. كما ضـاعـت عـلـيه الــدكــتـرة . عـاش الـجـعـفـري عـظيـم البـر
بأسـرتـه , حـانيـاً عليهـا, يبـذل أقصـى الوسـع فـي تـوفيـر أسبـاب الـراحـة
لـهـا , وليشـتــت عـاديات الـزمـن عـنهـا. ولـو عـاش عزبـاً , لـكـانـت لـه
مـواقـف فـي ميـاديـن السياسـة والصـراع السيـاسـي. ونـسـتـطـيـع أن نـسـوق
الـكثيـر مـن هـذه الامـتـنـاعـات التي حـرمـت الـجعـفــري أشيـاء كـثيـرة , مـن
المطـامـع والمطـامـح واللـذائـذ والامـجـاد والشهـرة والمـكـانـة. هــذه
الامتنـاعـات لـم يكـن لهـا فعـل يـذكـر فـي عـرقـلـة رحـلتـه الأنسانيـة فـي
طـريـق الـمجـد.. كـان لـه مـن خلقـه وقـواه ومـواهبـه , فيض جـعـل مـن الـعراقيـل
غيضـاً نـزراً ليس لـه خـطـر ولا أهـميـة . فـقــد أخـترق الجـعـفــري أجـمـة
الزمـن يتعـثر فـي يـتـمـه وفـقــره , وإعـتلال صـحتـه وضعـف بـصـره ورقـة
عـاطـفـتـه, وقيـود وظيفـتـه . فـحـقـق لـنـفسـه مـا لـم يـحـقــقـه مـن رزق
الـغـنى والـتخـمـة فـي معـالـجـة أحـوالـه.. لـقـد جعـل مـنـه اليـتـم
رجـلاً واثقـاً مـن نـفســه. وجـعـــل مـنـه الفـقــر رجـلاً أبـي الـنفـس .
وجعـل من إنـحــراف صحـتـه رجــلاً ذا قــوى داخلـيـة عـظيمـة . وجـعـل منـه ضـعـف
البـصــر ذا بـصـيـرة نـافـذة وكـشـف خـارق . وجـعـل الحـصــار مـنـه رجـلاً
ثـائـراً علـى القيــود يـخـتـرق الآفـاق. ويـتجــول فـي البـلاد ويخـالـط النـاس
ويجـادل ويصــارع فـي الشـؤون الـكـثيرة الـتي ليس لـعـددهـا حــد . وكـان تهـيبـه
فـي خـوض بحــر السيـاسـة بنفـسـه مـدعـاة لصـقـل شـاعـريتـه . وإقـتداره علــى
التـعـبيــر عـن المعـانـي الـمعـبـرة الـدقيـقـة فـي هـدوء وتــؤدة . ســواء
كـانـت فـي الـموضـوعات السياسيـة أم فـي غـيرهـا.. وبمجمـل
الـقـول فـقـد صـنـع الجعـفــري من ضعـفـه قــوة , ومـن حـرمانـه غـنىً , ومـن
حسـه عـالمـاً واسـعـاً من الفـكــر النـيـروالـتعـبيـر الـدقـيـق و الـتـوجـه
الصـائـب . وغـدا فـكـراً حــراً ومـوجهـاً مخلـصـاً ونـصيراً للضعـفـاء وحـربـاً
علـى الرجعـيــة الـجامـدة . جـريئـاً وشجـاعـاً فـي قــول الحـق . مـتحــمـسـاً
لـوطـنيـتـه . عـربـي الاتـجــاه والـنـزعــة . مـحبــا للـتــراث الـعـربـي
الأسـلامـي . مضـحيـا ً وباذلاً فـي تربيـة طـلابـه علـى حــب الـوطـن والنـاس . بالاضـافــة
الـى ذلك فـقـد أمـتـاز بالـذكـاء والـفـطنـة وقـوة الـذاكــرة . حـاضـر الـذهـن
سـريـع الـبـديـهـة , يـحـسن سـبـك الـنـكـتـة الـلاذعـة .مـبـدعــاً فـي أسـلـوب
الـمـحـاورة والـنـقـاش . كـل ذلك تـحـقق لـه فـي ظــروف لا يــقــوى عـلـى
مـطـاولـتهــا ومـقـارعـتهــا إلا الأشــداء 83 ..
3- الدكتـورالشـاعـر السيد مصـطـفـى جمـال الـديــن
كـان الـجـعـفــري مـن الـجيـل الـثــالــث مـن شـعــراء الـنـهـضــة الادبيـة ,والـمـتــمـثــل بالـجــواهــري والـصـافـي الـنـجـفـي والـحـبـوبــي ‹ الـسـيد مـحـمـود › وعـبـد الـرزاق مـحــي الــديــن , مــمـن تـلـقــفــوا الـمـــذاهــب والاسـالــيـب الـحـديـثـة . وكـان يـمـزجـهــا بـمـا كـان لــديــه مــن أصــالـة الـشـعــر الـنـجـفــي الـحـديــث. كـان لـولــب الـحـركـة الـشعـريـة فـي الـنجـف .ومركـز الثـقـل في نشاطهـا الفـكـري بـما يخـلـقـه من مـواسم أدبـيـة ومناسبات تـكـون مـنـطلـق أفـكـارهـم الـجـديـدة . وبما يـكـتـبـه بـمـجـلـة الـعـرفان وغـيـرهـا , نـاقـداً ومعـلقـاُ عـلـى الـكـثير من قـضايا الـفــكـر فـي عـصــره . وإنـه لـمـن المستغـرب أن نسمـع مـن ناشئـة جـيــلــنـا الـحـديـث من يـنـكــر علـى الــجـعـفــري ولـداتـه أثـرهـم فـي تجـديـد الشعــر الـنجـفـي . ناسين أن الجـديـد من هـذا الشعــر, ما كــان ليصــل الى الضـفـة الاخــرى لولا الجـسـر الذي صنـعـه الـجـعـفــري وأقــرانـه . مـتـحـمـلـيــن عـن الاجـيــال التـالـيـة , كـل ما يــفـرضــه الـتـجـديــد مـن ضـرائـب الـتـضحــيــة والـجـرأة وتـحـمـّـل الـنـقــد والتـشهــير والتـكـفـيــر أحـيـانـاً من الجـماعـات المحـافـظـة الـمــتـزمـتــة .. وأنـا لا أستـطيــع أن أفـهـم التجـديـد فـي المضمـون الادبــي, إلا فـي التعـبيـر الصـادق عـمّــا يتـبـنــاه الاديـب المعـاصــر من فـكــر سيـاسي او إجتـمـاعـي او دينـي بـعمــق وإخـلاص وجــرأة . دون مـداراة لسلـطـة المـتـنـفـذيـن مـن الخـاصـة , او مـغـالـطـة لـعـواطـف الـجـمـهــور الـمـصـفـق مـن الـعامـة . وكمـا يـفـعـلـه طـلاب الـشهــرة في ‹الانـتـهـازيــة الـحـديـثــة › . ومـع هـذا فـمـن مـنّــا ونـحـن فـي جــيـل السـبعـيـنـات , مـن أستـطأع أن يـقـف فـي وسـط دينــي محـافـظ كالـنجــف , لـيـقـول مـا قـالـه الـجعـفـري فـي الـثـلاثينــات مـن الـقـرن الـمنصـرم ؟ في زمـن يـرمـى قـارئ الـجـريـدة بالـمـروق علـى الديـن والـزنـدقـة . ويـقـف الــجـعـفــري وهـو يــستـعـرض تـعـلـيـم الـمــرأة وأفسـاح الـمجـال أمامـهـا فـي بــنـاء الاجــيـال 84 ...
كــيــف تـــرجـــو نـجــاحـهـا
فــئـــة كـلـلـــتـهـــا الــبـــرود و السـجــــف
|
مــن وراء الــحــجــاب نـــســوتــهـــا
تـــتــــهــــادى كــأنـــــهـــا طـــرف
|
كــلـــمــا أبـــصـرت عـلــى كــــثــب
شــبــحــاً لـلـجــــديــد تــــرتــجـــف
|
تــتـــحــــرى إســــتــقــلال
أمــتــهـــا أخــســأوا أن ذلـــــكــــم صـــلــــف
|
ومــن مــنّـا
أسـتـطــاع أن يــعــبـّر عـن حـمـاســه الـوطـنــي ,بــنـفـس الـجــرأة
والاخــلاص الـذي عــبـّــر بـه الـجـعـفــري فـي تـكــريــم
كـفــاح الــشـعــب الـهـنــدي والمـتـمـثــل فـي
شــخــص غـانـدي فـي بــدايـة الـثـلاثـيـنـات مـن الـقـرن المـنــصـرم
. مـتـجــاوزاً بعــض الاعــتـبـارات الــديـنــيــة فـي مـثــل مـجـتــمــع
الـنجــف الضـيـق فـي النـجـف نـذكــر مـنهــا 85 ..
قــف فـي
مــنــىً وأهـــتـــف بـــمـــزدحــم الــقـــبــائـــل وا لـــوفـــود
|
الـغــــائـــبـــيـــن
الـحـاضـــريــن بـــقـــلـــب شــيــــطـان مــــريــــــد
|
حُـــجّـــوا
فــلــســتــم بــالــغــيـــن بــحــجّــكــمْ شـــرف الــــهـــنـــود
|
حَــجـّـوا
الـــى إســتـــقٌـــلالـــهــم وحــجــجــتــمُ خـــوف الـــوعـــيـــد
|
ضـحــيــتــمــوا
كــبـــشـاُ , فــأمــا هــــم فــــضـــحـــوا بــالـــوجـــود
|
فـــعــبــــادة
الأصــنــام خــيـــــر مـــن إطــاعـــــات الـــعـــبــــيــــــد
|
عـرفـت الـجعـفـري
خـطيبـاً مـفـوهـا , وشـاعـراً مـجـيــداً , وأديبــاً يـتـقــن الـفـارسيـة كأتـقـانـه
الـعـربيــة . فــكــان عـارفـاً بـتـاريـخ الأدب الـعـربــي والأدب
الـفارسـي الـى حـدّ أنـه بـرز بـين أقـرانـه أجمـعـين , حـتى صــار سـيدهـم
بـلا منــازع . وكـنـت أحـد طـلابـه سنـة 1958 , ولـم تـنـقطـع لـقـاءاتـي بـه
طـوال عـقــديـن , أهمـهـمــا الـعـقــد الأخــيرمـع الاستـاذ د. كـامـل مصطـفى
الـشيـبـي . وكـان يـراجـع معـنـا قــراءاتـه
لـرباعـيـات بابا طـاهـر والخـيـام الـتي تـرجـمهـا شـعـرا
الـى الـعـربيـة . ومـن جـانـب آخـر كـان يـصول ويجـول فـي مقارناتـه الأستـقصائـيـة
بـيـن الخـيـام و نخـعـي , وبيـن الشـعـراء الـفحــول بالـعـربـيـة
خـصـوصـاً الـمتـنـبـّي . وكـان المتـنـبّي لايضـاهيـه شـاعـر
بالـعـريـيـة عـنـد الـجعـفــري . وقــد حــفــظ ديـوانـه بالــتـمـام والـكـمال.
فكـأنـه وهـو يـقـرأ المتـنبــّي تـتـقمـصـه روحـه حـتى يـنـطـق بلســان عـربي
مـبيـن . كما كان يــفــعــل مـــع عــمــر الــخــيـام عــنـدمـا
يـقــرؤه بـلــغـــة ‹الشـاهـنـامـه ›. فــكـــنـّـا نــشعــــر بــسمــو
الــمــعــانـي فـي إنتقــال الـفاظ الخـيــام الـى العــربيــة بشعــر الجعــفـري
, علــى نـحـو قـريب واضح فـي الصـوت والـنبـرة مـن الــمـتـنـبـــي . لــقـد كـان الجـعـفــري شـاعـراً مجـيـداً بـحـق ,
فصيحـاً بالـعـربيـة بـحـق , وبلـيغــاً بالفـارسيـة بـحـق . فـهـو لا يضـاهــى
علـى الاطـلاق . ومـع ذلك , كـان يسحـرنـا بأشعـار جـريـر
والـفرزدق وأبـي تـمــام والـبحــتــري .. كمــا كــان
يشـنــف أسمـاعـنــا بأشعـار حـافـظ شيرازي وسـعـدي شيرازي وبـابـا
طــاهــر, وصــولاً الـى قـراءتـه لشعــره الـذي يتعـالـى علـى الكـثير مـن شعـراء
الـعربيـة المحـدثين الـذيـن كـان يعـرف أشعارهـم فـرداً فـردا..
كـان وطنيـاً عـروبيـاً يـؤمـن أن وحـدة اللـسـان الـعـربي هـي مـركـز
الانتـمـاء الـعـربـي للأســلام 86..
5– الأسـتـاذ مـهــدي شـاكــر الـعــبـيــدي :
لـلـربــاعــيــات
فــي أداب الــدنــيــا شــأن فــي عــرف الــدارســين والــنــقــاد . إذ
يــعـلــقــون أهــمــيــة فــائـقــة عـلــى مــا يــودعــه نــاسـجــوهــا
فــيـهــا مــن عــصــارة تـجــاربــهــم فــي أقـتـضــاب وتــركـــيــــز.
مـعــتـمــديــن الــمــراس والـتــجــريــب والــمـعــايـشــة أسـاســا
ومــنـطـلــقــا لــمــا يـصــلــون الــيـه مــن إســتــنــتـاج. ولــعــل
مــا حـصــل عــلــيـــه الـــجــعــفــري مــن هـــذا الـــضـرب , مــا هـــو
كــفـــيــل بـالأعــتــراف بــصــدق الــتــجــربــة وحــرارة الــمـــعــانــاة
والــبــلــوغ الــى مــا يــعــرفبــجــوامــع الــكــلـــم الــتـــي
يـــخــتــص بــهــا كــبـــار الـــمــنــشــئــيــن و
الـــنــاثــريــن , و يــسـتــوي و إيــاهـــمــا عــلــى صــعـــيـــد
واحــد 87 ..
6- الـدكـتــور مـحـسن جـــمـال الــــديــن :
كـان الـجـعـفــري
بـيـن أخـوتـه وزملآئـه , كالـقـيـثــارة التـي عـزفـت جـمـيـع الـلـحــون.
وأطـلـقــت أوتـارهـا الأنـاشـيـد الـمــرنــة ذات الـنغــم الشـجـي, الـمتـفائـل
,الـثـائــر , الـمتـجـدد الـمتـحـدي الضـاحـك, المـحـافظ أحـيـانـاً . فـهـا هـو
يهـاجـم الاوضـاع الأجتمـاعيــة السـائـدة فـي الـمجـتـمـع الـنجـفــي , وحـالات
التسـلـّـط ‹ بأسـم الـديــن › . فـنراه فـي هـذه
القصيـدة التـي قـالـهـا فــي أوائـل تـفـتــح ذهـنـه, يـهـاجـم ويـتحـدى
الـمـتـسـتـريـن بالـديـن , تـاركـين المـبـادئ السـامـيـة التـي جــاء بهـا
الــديـن الـحـنــيـف فـيـقــول: 88
عـداك الـحـجـا
كـيـف أنـثـنـيـت عـن الـهـدى و
لـلـجـهـل كم بـانـت هــنـاك دلائــل
|
أرى الــحــق مــنــبـــوذاً وراء ظـهــورهــا وأمّــا الـــذي ســـاد الأنـــام فــبـاطـل
|
مــحـافــل كـانــت بـالـحــقــيــقــة تــزدهـي
فــســدّت ويـاللـه تــلـك الـــمـحـافـــل
|
إذا الـعــدل لـم يــتــبـع ولـم يــنــتــفـع
بـه فـلـيـس إذن فـوق الــبـسـيـطة عـادل
|
الـــى أن يـــقــــــول :
وكـم يــدّعـي عـلــمـاً فــريـق ضـلالـة ولـلجـهـل فـيـه لـو فـحـصـت مـخـائــل
|
نهـوضاً شـباب
الـعـصر قـد حان يـومكـم فـأيــن مـعـالــيـكـم وأيـــن الــفـضائــل
|
7- الشيــخ جـعـفـر بـاقـر آل محـبـوبـه :
أديـب
وشاعـر مـتجــدد فـي شـعــره , مـتطـرف فـي نـظـمـه. يــعـــزف عـلى وتـــر جــبران ,
ويصـفــق علـى نـــغــمـات نـيـقــولا حــداد . يـثــيـــره الـجـمــال
السـاحــر وتـــهــزه الاريــحـــيــة 89..
حـمـل الجـعـفــري
النجفي الـولادة والنشـأة مـنـذ مـطـلـع شـبابـه , عـبء الـتـعـبـيـر عـن هـمـوم
أبنـاء أمـتــه .. لـقـد كـان يـؤلمـه مـا يـراه مـن مظاهـر الـتخلـف والجـمـود ,
ومـن سبـل الأستغـلال والابتـزاز. فسجـل ذلك شعـراً, إعـرابـا عن ألمـه
وتـنـبـيـهـاً وإيقاضـاً وتحـذيـراً ووعـيــداً . وبـذلـك كـان شـاعـر المـوقـف
السياســي الـوطـنـي . ومـع ذلك لـم يـتخـل عـن الـفـن فـي سـبيـل هـذا المـوقـف.
فـعــبـاراتـه الــرشيــقـة وأسـلـوبـه الـمتـيــن , والـرؤيــا الشـعـريـة
المتكـامـلــه لـمـفـاهــيـم مـتجـددة للـشعــر الــفـنـيـة منهـا والـمـوضـوعـيـة
.. جـعـلـتـه أن يـكـون فـي مقـدمـة مـن حــمـل لـــواء الــتحـديــث
فـي الشعــر الـنـجـفــي الـحـديــث 90..
9 - الاديـب والـكـاتـب الـقـصـصـي الاستـاذ جـعـفــر الـخـلـيــلـي :
أعـتـقـد أن القـليــل مـن يـعـلــم , بأن الـجـعـفــري كـان أول
المسـتـنـكـريــن لطبقــة مـن الشعــراء الشيـوخ فـي الـنجــف, مـن الـذيـن
لـم يحسنـوا الأقـتــداء بمــن تـقـدمهــم مـن رواد الشعــر الحـديــث. ولاحـتى
فـهــم جـوهــر الشعــر , ومـا يتضمـنـه مـن معـانـي أو مـفـاهـيـم جـديـدة تعـكـس
حـالـة الأبـداع الأدبــي الـفـنـي . وأنـه
مـن اوائــل مـن سـعــى لـجمـع الـمـتـحـمـســين لــرأيــه مـن الـمؤمنــين
بحـالــة التـقـدم فـي العصــر الـذي هــم فـيــه ,ومـا تنتجـه حـالـة الأبداع مـن
صـور جميـلـة نابـعـة مـن تلـك الحـالـة .. وكـان مـن الـذيــن حـمـلـوا عـقـيـدة
الــجعـفــري الأسـاتـذة الشـعـراء د. عـبـد الـرزاق محـي الـديــن , السـيد
مـحـمـود الـحبــوبـي , مـحـمـد جـواد السـودانـي وغـيـرهــم . ويـؤكــد
الـخـلـيــلــي الـذي عـاصــر الـجـعـفــري فـي حـيـاتــه ومـن الـمـطّـلـعــين
علـى أنشطتـه الـثـقـافيــة .«
بأنـه الـمـحـرك الـرئيـسـي والـنـاشـط الأول
فـي بـث روح التـحـدي , ونـشــر الآراء والـمـبـادئ الـتي يحـمـلهــا فـي تـلـك
المـعـارك الادبيــة , وفـي مـقـارعـة مـنـتـقـديهــا فـي عـقــر دارهـم كمـا
يـقـال , وبمـراكـز قـوتهـم وبيـن مـؤيــديـهــم . وأنـي أجــزم الـقـول بـأنـه
لـولا الـجـعـفــري لـتأخــر هــذا الـوعــي , والـميــل الـى التـجـديــد
والابـتكــار . ولـتأخــر الـجيــل الـذي يـنـتـمـي الـيـه فـي اللـحــاق
بالـجـيــل الـذي ضــرب أروع الأمـثــال لأجــود الشـعــر , والـذي كـان مـن
بـقايـا قــمـمــه الـيـوم الشـاعــر الـكــبيــر الـجـواهــري» 9
...
كـان الجـعـفــري
يـتصــدر الـمجـالـس الأدبيـة , لا بــل فــارس حـلـبـاتـهــا . عــرف عـنــه
قــوة الـنكــتـة والـظـرف الـحــاد واللـبـاقــة الـحـلــوة . بـلـغ مـن حـدة
الـذهــن حــداً لايـفــوتـه مـغــزى أي حــيـث يـسمعــه , إلا ويـعــرف قـصــد
المـتكـلــم مـنـه . لــم لا ! ألـيس هـو حـفــيــد الشيـخ
جـعـفــر الـكــبيـر , فـارس حـلـبات ‹مـعــركــة الـخـمــيس
الأدبـيــة › الـتي كـان مـن أبطـالـهــا الشـيـوخ والـعـلمــاء والسـادة
الاجـلاء الـكـبــار السيد مـهـدي بـحـر الـعـلــوم ,مـحـمـد رضــا
الـنـحــوي , وأحـمـد الـنـحـوي , مـحمــد رضــا
الازري ,أحـمـد الــقـزويـنـي , مـحـمـد سـعـيـد
زيـنــي وغـيرهــم .
عـرفـت الجـعـفــري قبـــل ربـع قــرن ,‹ والكـلام للـخـاقـانـي › شـابـاً يـعـلـو صـوتـه علـى الشيـوخ فـي الـحـلبــات . يـفاجـئ رواة الشـعــر بـملاحـظاتـه وإنتـقـاداتـه الـحـادة الـمـركــزة . يصــادم المـتـزمـتيـن بـعـنــف. أديــب فـحــل , قــلّ مـن رزق مـواهـبــه مـن إخـوانـه .واجـه الـمجـتمــع بـقــوى إعـتبــاريـه ,شـفعـهــا بالـعـلــم والـمـعــرفــة .فـهـو مـن أسـرة ملـكـت ناصيـة الـعـلــم قــرنين مـن الـزمـن . تـحـكـمـت بـالأدب الـنجـفـي , وأحـلــت أكـثر صفـحـاتـه . حـكـمـت شـؤون النـاس فـي الــديــن والـدنـيـا. ومـا أن أمــتـد الـعصـر الـحـديـث بـمـفـاهـيـمـه الـجـديـدة , بــرز الـجـعـفـري كأول الـحاملـين لـرايـاتـه والـمـنـدفـعـين بـتـيــاره, والـمـبـشـريـن بالكـثيــر مـن حـقـائـقــه الـتي يـعـتـز بهــا. رغـم المـقـاومـة العـنيـفـة التي يـواجهـهـا ‹مـن أعـمـدة أســرتـه ‹ فـي الـتصـدي لـتلـك الافـكــار .كـان يصـمـد أمـامهــا صـمـودا أسـطــوريــاً . ويـدلـل علــى أراءه بكـل جـرأة وقــوة . فهـو حـين يـدعـو الـى السفــور ونـبـذ الـحـجــاب , فـي بـلـد ديـنــي كالـنجـف ، فـي زمـن كـان القـارئ للـجـريــدة يـرمــى بالـزنـدقـة ..
لا يخـشى أن يـطعـن , كمـا لا يـعـبــأ حـين طـعـن .كـان كالـتـرس الـوحـيـد لأصدقـائــه الـذيـن سـانـدوه فـي الــرأي وتابـعـوا مـعتـقـداته الـجـديــدة . ‹ الـتي كـانــت بـدعــة او هـي بـدعـة فـعـلاً فـي نـظـر الـمـتـخـلـفـين والـمـتـزمـتـيـن. وسـعــى الـى قــلـب الــمـجـالـس والـحـلـبــات الأدبــيـة الـى شـكــل إحـتـفــالات ومـهــرجـانـات أدبــيـة وفـقـاً لـمـتــطـلـبـات العـصــر . كـمـا فـي سـوريــا ومـصــر › . والـى إدخــال الشـعــر السـيــاســي فـي الـمحـافـل الأدبـيــة والـديـنـيــة 93...
عـرفـت الجـعـفــري قبـــل ربـع قــرن ,‹ والكـلام للـخـاقـانـي › شـابـاً يـعـلـو صـوتـه علـى الشيـوخ فـي الـحـلبــات . يـفاجـئ رواة الشـعــر بـملاحـظاتـه وإنتـقـاداتـه الـحـادة الـمـركــزة . يصــادم المـتـزمـتيـن بـعـنــف. أديــب فـحــل , قــلّ مـن رزق مـواهـبــه مـن إخـوانـه .واجـه الـمجـتمــع بـقــوى إعـتبــاريـه ,شـفعـهــا بالـعـلــم والـمـعــرفــة .فـهـو مـن أسـرة ملـكـت ناصيـة الـعـلــم قــرنين مـن الـزمـن . تـحـكـمـت بـالأدب الـنجـفـي , وأحـلــت أكـثر صفـحـاتـه . حـكـمـت شـؤون النـاس فـي الــديــن والـدنـيـا. ومـا أن أمــتـد الـعصـر الـحـديـث بـمـفـاهـيـمـه الـجـديـدة , بــرز الـجـعـفـري كأول الـحاملـين لـرايـاتـه والـمـنـدفـعـين بـتـيــاره, والـمـبـشـريـن بالكـثيــر مـن حـقـائـقــه الـتي يـعـتـز بهــا. رغـم المـقـاومـة العـنيـفـة التي يـواجهـهـا ‹مـن أعـمـدة أســرتـه ‹ فـي الـتصـدي لـتلـك الافـكــار .كـان يصـمـد أمـامهــا صـمـودا أسـطــوريــاً . ويـدلـل علــى أراءه بكـل جـرأة وقــوة . فهـو حـين يـدعـو الـى السفــور ونـبـذ الـحـجــاب , فـي بـلـد ديـنــي كالـنجـف ، فـي زمـن كـان القـارئ للـجـريــدة يـرمــى بالـزنـدقـة ..
لا يخـشى أن يـطعـن , كمـا لا يـعـبــأ حـين طـعـن .كـان كالـتـرس الـوحـيـد لأصدقـائــه الـذيـن سـانـدوه فـي الــرأي وتابـعـوا مـعتـقـداته الـجـديــدة . ‹ الـتي كـانــت بـدعــة او هـي بـدعـة فـعـلاً فـي نـظـر الـمـتـخـلـفـين والـمـتـزمـتـيـن. وسـعــى الـى قــلـب الــمـجـالـس والـحـلـبــات الأدبــيـة الـى شـكــل إحـتـفــالات ومـهــرجـانـات أدبــيـة وفـقـاً لـمـتــطـلـبـات العـصــر . كـمـا فـي سـوريــا ومـصــر › . والـى إدخــال الشـعــر السـيــاســي فـي الـمحـافـل الأدبـيــة والـديـنـيــة 93...
11- الـــدكـتـــور زهـــيــر غـــازي زاهــــد :
أحــتــلــت الـمــرأة فـي شـعــر الـجـعـــفــري مـكـانـة مــرمـوقـــة , و مـنـــــذ بــدايـــاتــه الـشـعــريــــــة فـــي " الـعـشــريـنــات " مــن القــرن الـمـنـصـرم . فـكــان الشــاعــر الـذي أنـجـــبـتـه أســـرة ذات زعــامــة قــويــة فـي الـديــن , مــن أشــد الـمنـاضـلــين عـنــاداً فــي نـصــرة الــمــرأة . وتــلـك فــضـيـلــة عـظــيــمــة لــــه ، وتـــــعــدّ بــطـولــة حـقــيــقــيـة فـي ظــل الظــروف التـي ســادت الـمجـتـمــع الـنجــفــي فـي تـلـك الايــــام. ‹ فــي العــشريـنـات مــــن الـــقــــرن المنصــرم ›. إذ كــــان يـدعـــــو للـسـفــور ونــبـذ الـحـجــاب , فـي وقــــت كــــان فيـه المجـتـمــع يسـتـنكـر قـــراءة الــصحــف ويـتـّهـم قـارئهـا بالزنـدقـة !! 94 ...
قـــــالــــوا شــعـــــرا
1- الأســتــاذ الشـاعــر راضي مهــدي السـعــيــد
او مـا قــالــه في رثـاءه
2 - الشـاعـر الأستـاذ هـادي محـي الخفـاجـــي
3- الشـاعـر الأستــاذ عـبـد المـنـعـم الـعـجــيـل
في رثـاء الجـعـفــري
4- الأستــاذ الشـاعــر الـدكتــور صـالـح الـظالمـي
وفـي رثــاء الشـاعـر الجعـفـري يقـــول:
5- الأســتـاذ الشـاعــرعـبـد الـغـنـي الحـبــوبــي
6- الأستـاذ الدكتــور الأديــب صــاحــب ذهــب
هـنـاك العـديـد من الرسائــل المتبادلـة بينـه وبين الشاعـر الجعـفــري. ففـي واحـدة لــه كان قـد أرسلهـا للـجعـفـري معاتبـاً ومداعبــاً, بعـد طول إنتظـار وتأخـير. يـقـول فيهـا وهي مـن الـبـنــد :
" ألـى
أستـاذي الصالـح أهــديـه سـلامـا عـطــر الأنـفـاس كالــورد ..صــفا كالـدمعــة
الـرقـــراقــــة الـحــرّى جــرت مـن مـقـلـــة الـعاشـق للـخــد ..وأنّــى يــشـبـه
الــدمـع -
أجـاجـــاً لـيس بالـعـذبْ ..سـلامـــاً أبـعــث اليــوم بـه نــحـوك مـن
قـلـب الـى قــلـــب..
رجــوت اللـه أن يـبـلـغــك الـيـــوم فـيلقـاك عـلـى الـخــير
.. بعـيــدا أنــت والآولاد مـن
كـل أذى في الـدهــر او ضـير .نـهـارٌ كـلـّهُ
بـشــر..ســلام هــو حتـى مطلـع الـفجـــــر..
فأمـا بـعـد فاللـوعـة أنستـنـي
الـذي كــنت أريـد الـخـوض فيـه مــعـك الآن.. فللــوعـــة
والـغــربـة والـذكـرى
تـهـيج القـلب ,شــأن أيـمـا شـان..لمـا قـد غـضضـت الـطـــرف
عـن ‹ صـاحبـك › المخــلـص في الشــهـر الــذي فــات
.فلـم تكتـب لـه سـطـراً عـــن
عـن الأخبــار عمــا صــار عـمــن جــاء للـدنيــا ومن
مــات ..
No comments:
Post a Comment