Thursday, 7 July 2016




الـتـــرجــمــة والـتـعــــريــب عـنــد الـجـعـفــري..

أحـب الـجـعـفـري العـربـيــة جـنساً وثـقـافـة ولـغـة . وأحــب لـغـة الـضاد أدبـــاً وشعـراً . دافـع عـن هـذه اللـغـة بشـدة . فـتـراه يـقــول فـي إحدى رباعيـاتـه 41 :

اللـغـــة الــعــربــيــة الــخـالــدة..

وسـعـت عـقــول أهـل الارض طــراً. كما لـو كـنـت من صـنع الـسماء
بــسـطـت لأدم الأســـمــاء حــــتــى.  وعـاهــا وهــو فـي طـيـن و مـاء
تــحــدّثــك الــحــروف بـكــلّ لــــؤم. فـكــنــت أحـــقّ حــرف بالــبـقـاء
تــقـلـّـص كــلّ فــتـح غــيــر فــتــح. تـغــلـغــل و الـعــقــيــدة بالـدمـاء


وسعى للـتـوعـية بأهـمـية المـحـافـظـة عـليها نـقـيـة خـاليـة مـن شوائـب العـامـية الـدارجة… وهــا هــو يـقــول فـي أخـرى:


الــفـــصـحــــى لا غــــيـــــر..

هـي الــفـصحى تـلـمّ الـشعـث لـمّـا.وتـعــصـف بالـفـواصـل والـحــــدود
وتـبـنـي مـن حـواضـرنـا الـتـوالـي. رواقـــاً حــول حـاضـرة الــجـــدود
دعـــوا الـلـهـجـات دارجـة غـزتـنـا. لـتـحـجـبـنـا عـن الــذكـر الـمـجــيـد
وعـن مـيــراثــنــا الـغـالـي و نـهــــج. يــوحـّـدنــا أولــي بـأس شــديــــد


والـى جـانـب ذلـك , تـمـكن الجـعـفـري مـن اللـغـة الفارسية كتـابةً وتـكلماً وفـقهـاً وأدبــاً . وحين رأى أن الأدب الفارسي يحـوي كـنوزاً ثـمـيـنـة مـن شعر فـلسفي وجداني.. شـمّـر عـن ساعـد الـجـد وشحـذ الهـمـة لهـذه الـمـهـمـة .. فـبـدأ بــتــرجـمـة رباعـيـات الـشاعــر «حسين قـدس نخعي » سفـير أيـران في العـراق في اواسـط القـرن الماضي بـطلـب مـنـه . وكـانـت الربـاعيـات التي بلغـت ‹ 102› رباعـيــة, بأكملهـا علـى وزن الـدوبـيــت . وأنـجـز هـذه المهـمة بنـجاح , وتـم نشرهـا وطبعهـا فـي هــولــنــدا عام 1956. 42 . وفي رباعية رائعة نقـلها الجعـفـري عـن قـدس نـخـعـي في ربـاعـياتـه المنـشورة. وكأنه يـعـبـّرعـن أحاسيسه هـو فـيقــول :




ومـن نـافـلــة الــقــول أن نـشـاط الـتــرجـمــة، قــد إبــتــدأ مــمـارســتـه مــنـذ أواخـر العـشـرينـات مـن القــرن الـمــنـصـرم . وعـنـد قـيـامـه بـتـرجـــمــة إحـدى الـرسائـل الـديـنـيـة . كـمـا أشـيـر لهـا فـي موضـع مـتقـدم مـن سـيرتـه الـشـخـصـية هــذه ..

عـكـف الـجـعـفـري بعـد ذلك , وبـعـد أن كــفّ بــصره , عـلى تــرجـمـة رباعيات الـشاعـر «بـابـا طـاهــر عــريـان الـهـمـذانــي » والشـاعـر «عــمـر الـخـيـام " وذلك بـدايـة الـسبعـيـنـيات مـن القـرن الماضي . و فـي دراسـة نـقــديـة لـتـرجــمــة الـجـعــفــري لـربـاعـيـات بـابـا طـاهـــرعـريـان يـقــول الأستـاذ د. فـخـري بـوش أسـتاذ الأدب الـفـارسي بجـامعـة دمشــق , الـذي راجـع الكـتـاب ومهـّد لـه  43:

« كانت ترجـمـة الشاعــر الجعـفـري لـرباعـيـات بابا طـاهـر تـرجـمـة أميـنة من اللغـة الفـارسيـة ‹ المطـعـّمـة باللهجـة اللّـريـة › الى اللـغـة الـعـربيـة . وكانـت التـرجـمـة شـديـدة الأقـتـراب مـن الاصـل الـذي نظـمـت فيـه, إن لـم تـكُـن مطـابقـة للأصـل تـمامـاً... ولـم يـتـم لـه ذلك، لـولا تـمـيّـزه بمـعـرفــة تـلـك اللـهـجــة القـديـمـة ,وهـي مـيـزة لا تـتـوفـر لـدى المـترجـمـين الـعـصـريـين . وحـرص كـل الحـرص علـى الـدقـة والامـانـة . جـنـبـاً الـى جـنـب مقـرونـة بالحفـاظ على جـرس الأبيـات ومـوسيقاهـا. مسـتخـدمـاً مفـردات كـلمــات شـاعـريـة مـتـمـيـزة , لا يسـتخـدمهــا إلا كـبـارالشـعــراء ذوو الاطـلاع الـواسـع عـلى المعـجـمـات الـلـغــويـة الـعـربـيـة » ...
بـاشــر الـجــعــفــري هــذا الــعــمــل وحــيـداً سـاهــراً صـامــتـاً مـسـتـوحـشـاً, أسـابـيــع تــتـلـوهــا أسـابـيـــع, لــيــفـك طــلاســم ربــاعــيــات بـابـا طــاهــر عــريــان الــهـمــذانــي الــتي نـظـمــت بالــفـارسـيــة «الـلـهـجـــة الـلـــّريــة او الـفـهــلــويــات» . لا يــؤنــســه فـيـهــا إلا جــهــاز تـسـجيــل يـثــبــت فــيـه ويــمـحــو، ويــحـــاور و يـــراجــع , وكــأنــه نـــفــس ثـانــيــة . ثــم إذا بـالـلــيــل يـــنـشـق عــن صــبـح, وعـــن تــعــريــبــات نـاصـعــة لـنــصــوص غــامــضــة مــغــلــقــة لــحــوالــي 335 ربــاعــيـة. وهــا هـو تــراه يــنــطــق عـــن لـسـان بـابـا طـاهــر عــريــان فـيـقــول 44 :



او هــذه الــربــاعـيـة الـتـي مـا كـان سـعـيـداً جـداً بـقــدر مـا كـان , بــعــدمـا أسـتـطـاع فــك رمـوزهـا وعـقــدهـا. لـيـضـعــهـا فـي هـذه الـمــصـاريــع الـعــربـيــة الـجـمـيــلـة الــتـي تـقــول:

أنـــنـــي الـــبـــحـــر ولــكـــنـــي فـــي الـــظــرف أتــــيــــت
أنـــا كـالـنـــقــطــة أجــلــــو غــامـــض الـــحـــرف أتـــيـــت
يـــــرتــجــــى فـــي كـــلّ ألــــــف أن يــــوافـــي ألـــف قــــدّ
أنـــــا ذاك الألــــــف قــــدّ , أنـــا فـــي الألــــف أ تــــيــــــت


      او هــذه الـربــاعيـــة :


  او هـــذه الــربــاعــيــة :

إن يــكــنْ قــلـــبـي حـــبـــيـبـي فـحـبـــيـــبي مــن يــكــون ؟
اوحـبــيـــبي عـــيــنَ قــلـبي فــمَــنْ الـقـــلـبْ؟ ومـا اسـمُــه ؟
بـــيـــن قـــلـــبـي وحــبـــيـــبــي جـــدلٌ فــي كـــلّ حـــيـــن
لـسـتُ أدري مــن حـبـــيــبي مـنـهــُـما مـن هــو خـصـمُه ؟

  او هــذه الـــربـاعـيـــة :


او هــذه الـربـاعـيـــة :





أويـنـطــق الـجــعـفـري , كــمـا يــقــول الـدكـتـور صـاحـب ذهـب , بـلــســان عــمــر الـخـيــام عــن ربــاعـيــاتــه الـتــي بـلـغـت 435 ربــاعــيـة.. بــنــفــس الــوزن الــذي جــاءت بــه الــربـاعــيــات عــنــد الـخــيــام تــقـــيـــداً ‹ وزن الــدوبـيــت ›. خــلافـاً لـمـا ورد لــدى غــالــبـيـة الــمــتـرجـمــيـن 45.. ومـن جـانــب آخـر يــؤكـد الـدكـتـور كـامـل مـصـطـفـى الـشــيـبـي « أن الـجــعــفـري أجــدر الـعـرب واكـثرهـم إســتـــيـفــاءا لـشــروط الـــمــتـرجــم الـشــاعــر, لــنــقـــل ربــاعـــيـات الــخــــيـام الـــى الــعــربـيــة. وهـي الـترجمـة العـربية الـوحيـدة التي ألـّفـت بيــن الايــقـاع الشعـري للأصـل الفـارسي والمعـنـى وجمعهـمـا معـاً. » 46. فــنــراه فــي هــذه الـربــاعــيـة يــقــول :

ذ را ت  تـــــــــــراب أرضـــــــنـــــا قـــــــد كـــــانــــــــــت
تـــــاجــــــاً لـــــمـــــلـــــيــــــكٍ و غـــــــــوالـــــــــــي دررِ
بـــالـــــرفــــــق أزلْ غــــــبـــــــارَ خـــــدّ يـــــكَ فـــــــــــذ ا
ذ را ت  خُــــــــــــدودٍ  و  مـــــحـــــــيـــــــــا نــــــــضِــــــرِ

او هـــذه الـربـاعيــة الاخــرى للـخـــــيــام :
     
مـــا قــــلــــــت بـــحــــقـــي هــــــو صـــــوت الـــــــغـــــــلّ
لا زلــــــــتَ تـــــــقــــــــولُ: مــــلــــــحـــــــدٌ شـــــــكـّـــــاكُ
أنــــــى لـــكَ مـــــا تــــــقـــــــولُ ، لــــكــــن قــــــل لـــــي :
مــــــا قـــــــولــــكَ أنـــــــتَ فـــــــيــــــك يـــــــا أفـّـــــــاك ؟

او هــــذه الـربـاعـيــة :

نـُــــوديــــتُ مـــــن الـــــحـــانــــــة عـــــنــــــد الـــسَّـــحــــرِ
يـــــا حــــائـــــــرُ يــــا خــــلـــــيــــــعَ ذي الـــــحـــــانـــــاتِ
إنـــــهــــــضْ و أدِرْ كــــــــؤوسَــــنـــــــا و ابـــــــــتـــــــــدر
قــــبـــــل أن يــــــمـــــلأ دهــــــرُنــا بـــــنــــا الــكـــاســــاتِ

او هـــذه الـربـاعــيــة :


او هـــذه الـربـاعــيــة :



 او هـــذه الـربـاعــيــة :




او هـــذه الـربـاعــيــة :







No comments:

Post a Comment