1-  صـالـــح الـجـعــفــري

 صـالـح بـن الشيـخ عـبدالـكـريــم بـن صالـح بن جـعــفـر ‹ آل كاشـف الغـطـاء‹ ..

إسـمــه ومـولــده..

منـذ أن طـلـع الشيـخ جـعـفـر بن خـضر المالكي الـنخعي الـقحطاني نسبـاً ¹ والجـناجي او الـقـنـاقي مـوطـناً ² على الـنـاس , بكـتابه الـفـقـهي الشهـيــر« كشف الغـطاء عـن مبـهـمات الشريـعة الغـراء »³ . حـتى صار الـشيخ الكبيريـلـقـب بـ « كاشـف الغـطاء ». وكـان أشهـر مشـاهـير علـمـاء عصـره. و صارت الأسـرة تعـرف بآل « كاشـف الغـطاء».. من هــذه الأسرة الـعــريـقـة , وفي أحـد بـيـوتاتهـا الـقـديـمة, في النجـف الأشـرف , ولـد الشاعـر صالـح الجـعـفـري آل كاشف الغطاء عام 1325 هـ او ‹1907 - 1979م› . فهـو صالح أبن الشيخ عـبـد الـكـريـم بن الشيخ صالـح بن الشيخ مهـدي بن الشيـخ عـلـي بن الـشيخ جـعـفـر الــكـبـيــر..

نـشـأتـه وبــيـئــتـــه..

درس الشاعــر بـعــد « الــمـدرسـة الـنـظـامـيـة في الــنـجـف » عـلـى ايــدي الــمشـايـخ والــعـلــمـاء . أخــذ أصـول الــعــربــيــة والــتــدرّب عـلـى الشـعــر عــلـى يـد الـعــلامـة الشيـخ مهــدي الـحـجـار . والـمــنـطــق و الاصـول و الــفــقـه عـلـى يــد الـشــيـخ مـحـمــد تــقـي صـادق الـعـامـلـي و الــشـيـخ حــمــيــد مـولـى نـجـف والـعـلامـة الـشـيـخ مـحـمــد رضـا بــن الـشـيـخ هــادي كـاشـف الـغـطاء.. كـان الـجـعــفـري من بـين الـمرشحـين للـبعــثة العـلـمية لـلسفـر الى فـرنسا لـنـيل شهـادة الـدكـتـوراه فـي الادب الـعـربي من جـامعـة ‹ السوربـون ›. بـل كـان أوفــر الـمـرشحـيـن حـظاً ، كونه يحمـل أعلى درجات الـمفـاضلة. الا أن فـشلـه او‹ أفــشالـه › في الفحص الـطبي بـدعـوى ضعـف بـصره ، حال دون تـحـقـيـقه هــذه الأمـنـيـة.. كما ذكر الدكتـورالشيبي ذلك في موقع لاحق..    

أما بـيئـتـه بـقـدر مـا كان لـمـديـنـة الـنـجـف الأشـرف تـأريخ سيـاسي مـعـاصـر، حـافـل بالـمـفـاخــر والـمـآثـر. سـواء فـي مـقـارعـة رجـال الـدكـتاتـوريـة الـعـثـمـانـيـة والسلطـات الانـكـليـزيـة .. وإعـلان ثـورتـهـا الـكـبرى ضـد الانكلـيزعـام 1914م بـقـيـادة المجـاهـد الـعلامـة ‹ السيـد مـحـمـد سـعـيـد الـحـبـوبـي › ⁴ , أو فـي ثورة الـنجـف , ضـد الأدارة البريطانيــة الحـاكمـة فـي آذار 1918 م .. أو بــدورهـا فـي إشعـال فـتـيـل الـثـورة العـراقيـة الـتـي أعـلـنــت فـيهـا يـوم 30 حـزيــران 1920 ..

فــقـد كـان تـاريـخ الـمـديـنـة الــديـني والـفــكـري والادبـي حـافـلاً هـو الآخـر. فـبـيـئـة الـنـجـف, قـلـّمــا تـوفــرت فـي قـطـر أو جـمـعـهــا فـي مـديــنـة .هــذه الـبـيئــة التي عاشــهـا سـكـانـهـا مـنـذ قـرون وأجـيـال. فـلـيس فـي كـل الـبـيـئـات الـعـربـيـة و الأسـلامـيـة مـديـنـة تـوفــرت علـى أسبـاب العـلـم وسـبــل المعــرفـة , نـظـير مـا تـوفــرت علــيـه الـنجـف مـن أسـباب . لـقد كـانـت الـنجـف فـي تلك الــفـتـرة وفـيـمـا سبـقـهـا مـن فــترات , ملـتـقـى ثـقافـات ومـرتـاد حضـارات .. وجاءتهــا طـلبـة مـن أنحـاء اسـلامـيـة شـتى, للـتـزود باللـغـة الـعـربـيـة والـتـفـقـه فـي الـديــن . ونـقــل مـا حـصـلــت عـلـيـــه, وتـزودت بــه , الـى مـدنـهـا وقـراهـا فـي مخـتلــف الـبـلاد الاسـلامـيــة . هــذا الـتـفـاعـل بيـن الـوارديــن مـنهــا والـصــادريـن عـنـهــا , يـمـثــل شـبـكــة إتـصــال حضــاريــة. وقــنــوات فـكــريــة يـجـعـل تأثــير الـنـجـف فـيـهــا وتأثـرهـا بـهــا حـقـيـقـة نـافـذة السـلـطـان , بالـغــة الاثــر فــي التـفـكــير وفـي التـعــبـيــر. .

‹إذ ليـس مألـوفـاً او إعـتبـاطـاً أن يظـهــر فــي فـترة مـا , أو جـيـل مـا , هــذا الـعــدد الضخـم مـن الشـعـراء والفـقـهـاء والـمـؤرخـين والـمؤلـفيــن. ولا ذلك الـعـدد مـن المـوسـوعــات فـي الفـقـه وأصـولـه والأدب وفـنـونـه  ولا ذلك الـعـدد الـهائـل من الــدواويـن لأبـنــاء الـعـشــرات مـن الأســر الـعـريـقـة بـل ومـئــات الافــراد.. مـا كـان ذلك ليـكـون لـولا الترسـانـة الضـخمـة مـن الـدراسـات اللـغــويـة , ولولا ذلك الـنـشـاط الـعـامـر الـذي تـغـذّت بــه الـعـقــول والـنفــوس › .. تـلك هـي بـيـئـة الـجـعـفــري الـعـامـة . ومـاذا عـن بـيـئـتـه الـخـاصـة ؟..

فـكـاشـف الغطـاء ، أسـرة تسـنـمــت الــذروة فـي الـمـكـانـة الـديـنـيــة والأدبـيــة لــقـرنـيـن مـن الـزمـن ⁵ .. ومثـلـت الـقـدوة فـي أعـمـالهـا. كـانـت مـحـط ومـلـتقـى الـعلـمـاء والادبــاء يـوميـاً فـي مـجـلسـهـا- الـبـرّانـي - تـقـيـم للـشعــر سـوقـاً ومـعـارض .. وقـد قـرأهـا الـجـعـفـري وشـهـدهـا وحـفـظ كـثيـراً مـنهــا , ونسـخ دواويـن وكـتـبـاً فـي الأدب والشعـر فـي مكـتبـاتهـا الـتراثيـة الـعامــرة. ومـن كـانـت تـلك بيـئـتـه الـعامـة , وهــذه بيـئـتــه الـخاصـة , فـمـاذا تـنـتـظـر مـنـه أن يـكــون  ؟..⁶

كـانـت للجـعـفـري مكـتبــة خـاصة , ضـمــت أمهـات الـكـتـب والمـراجـع وعـيـونـهــا .إضـافــة للــموسـوعـات الأدبيـة والـثقـافيــة والفـلـسـفيــة والاجتمـاعيـة والـتراجـم .. إلى جانب الـعـديـد من الـمـعـاجـم اللـغــويـة الـمتعــددة .. وقـد حـوت الـعـديـد مـن كـتــب الـتاريخ الـقـديـم مـنـه والـحـديـث . هــذا الـى جـانــب دواويــن الشـعــراء العـرب مـنذ العصـر الجـاهـلي وحتى العصـر الحـديـث .الـى جـانـب عـدد غـير قليـل مـن دواويـن الشعـراء الفـرس وتاريخ بـلادهــم وأهـم كـتـبهـم الأدبيــة ..

بـدأ شاعــرنـا وفي سـن مبكـرة , بالكتابة في الصحف والمجـلات الـنجـفـيـة والعـراقيـة والعـربـيـة التي كانت تصدر يومـذاك .. وعمل في حـقـل الصحافة ⁷. وكان يكتب مـرة بأسمه الصريح ، ومرات بأسماء مستعــارة . فهـو في مـقــالـة‹ فــراتـي › وفي أخــرى ‹ مـن أنـا › .. وحـمـلـت مـقـالات أخــر تــواقــيـع ‹ هـادي معــتـوق › و ‹ أبو الأغـر› و ‹ الضـمـير المسـتــتـر › .. ويحـار المتـتـبع لحياة الشاعـر أن يجـد مغـزى لهـذه الأسماء المستعارة ومدلـولاتها ⁸ .. ليـس هـذا فـحسب بل يحـار كـذلك في فهـم ظاهـرة قــيامه بالتـبرع ببعـض نتـاجـه الأدبي الى بعـض معـارفـه ، ويـقـومون بتوشحـيهـا بأسمائهـم دون ذكـر أســمه ! ...

وبعـد هـذا فهـو مـتزوج ولـه مـن الأولاد ريـاض , أمـير , وأزهـر وعـلاء . ولـه مـن البنـات ثـلاثـة عـواطف . نجـلـه ونهـلـه . سهــرعلـى تـربـيـتهـم وتـعـلــيـمهــم , حـتى نال الجميـع التـعـلـيـم الـجامعـي .